بسم الله الرحمان الرحيم الحجب والرقابة والمصادرة تذكر تقارير المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان وكذلك الخبراء
والمتخصصين داخل المغرب أن الإنترنت هناك تتمتع بحرية واستقلالية غير
متوافرة في معظم الدول العربية، فلا تمنع الدولة الوصول إلى مواقع بعينها،
ولا تراقب محتوى الشبكة
[7]،
كما أنه لا يشترط الحصول على أي معلومات عن طالب الخدمة من الشركات
المزودة وأنه يمكن للمواطن تصفح الإنترنت داخل المغرب في خصوصية كاملة
[8]،
ويضيف "كارل ستانزيك" وهو مدير لشركة أخرى من شركات تزويد الإنترنت أنه لا
يوجد ما يسمى "تعاقد الاستخدام" بين المزود وطالب الخدمة، كما أن السلطات
لا تلقى بالمسئولية على الشركات المزودة في حالة وجود أي محتوى "غير
قانونى" يتم تبادله عبر الشبكة من خلال أجهزة المزود
[8].
لذلك تعد المغرب بشكل عام واحدة من أكثر الدول العربية تحررا فيما يتعلق باستخدام شبكة الإنترنت
[9]وقد ساهمت هذه الحالة من الحرية في زيادة التوظيف السياسى للشبكة خاصة في
الأحوال التي لا تصلح فيها وسائل الإعلام التقليدية لأداء هذه المهمة، على
سبيل المثال فإن "عبد السلام ياسين" قائد جمعية "العدل والإحسان" وهي
منظمة سياسية ذات توجه إسلامي قام بنشر خطاب مفتوح بلغات أوروبية مختلفة
حمل عنوان "رسالة إلى من يهمه الأمر" انتقد فيه عهد الملك الحسن الثاني،
وتحدث فيه عن إعادة توزيع ثروة الملك الراحل، وجاء النشر عبر شبكة
الإنترنت بعد أن قام النظام المغربي بحظر صحيفة مستقلة لأنها نشرته
[10]،
وذكرت تقارير أصدرتها وزارة الخارجية الأمريكية أن السلطات المغربية قامت
بحظر موقع "العدل والإحسان" على الإنترنت عن متصفحيه داخل المغرب
[11].
ولكن هذا الحجب غير دائم حيث غيرت الجماعة أكثر من مرة عنوان الموقع الإلكتروني وأنه حاليا يمكن تصفحه من داخل المغرب
[12].
وبالإضافة لموقع الجماعة الرسمي على الانترنت والذي يواجه الحظر أحيانا
فهناك العديد من المواقع والمنتديات المتعاطفة مع هذه الجماعة والتي تروج
لأفكارها وأخبارها وهي المواقع التي لم ترد أي تقارير عن حظرها أو منعها
عن المستخدمين في المغرب
[13].
والاستخدام السياسى النشط للإنترنت في المغرب من مختلف التيارات استمر
في النمو والازدهار حيث قام الناشط المغربي في مجال حقوق الإنسان "مهدى
المنجرة" الممنوع من التواجد في وسائل الإعلام التقليدية بإنشاء موقع خاص
به، وبعدها قام بإنشاء "حركة بركة" وهي حركة شبيهة بحركة كفاية المصرية
هدفها معارضة الاستبداد واحتكار السلطة
[10].
حالة الحرية النسبية التي يعرفها المواطن المغربي عند استخدام الشابكة
(الإنترنت) لا تعنى على الإطلاق أنه لا توجد خطوط حمراء، ويذكر أحد مدراء
شركات تزويد خدمات الإنترنت أن الخطوط الحمراء في وسائل الإعلام التقليدية
والحياة السياسية المغربية يعرفها الجميع وأنها تتناول وضع الملكية في
المغرب ومناقشة الأوضاع حول "الصحراء المغربية" التي تعتبرها المغرب جزءا
من الوطن بينما يقاتل النشطاء فيها من أجل الاستقلال الكامل، وأيضا من
الخطوط الحمراء المواضيع التي بها إهانة للملك أو الإسلام وهذه الخطوط
الحمراء تنتقل بدورها إلى شبكة الإنترنت وعلى شكل رقابة ذاتية من
المواطنين الذين لا يتحدثون فيها حتى في غرف الدردشة أو عبر المنتديات
[7].
إلا أن الصحافة المغربية المستقلة قد حققت المزيد من الحريات في
السنوات الأخيرة وتمكنت للمرة الأولى من انتقاد أوضاع الملكية في المغرب،
ومناقشة قضية الصحراء المغربية وهي من الموضوعات التي كانت دوما من المحرم
تداولها في الصحافة، كما رحبت الجماعة الصحفية المغربية بالوعد الذي قطعه
"نبيل بن عبد الله" وزير الاتصالات عام 2005 بوضع نهاية لسجن الصحفيين
وعقابهم الأمر المتكرر الذي يتم تحت مظلة قانون الصحافة المغربي رغم أن
هذا الوعد لم يترجم إلى أي إجراءات فعلية
[14].
واعتبر مراقبون أن بداية التضييق على الحريات بشكل عام وعلى الشابكة
(الإنترنت) بشكل خاص في المغرب بدأت منذ صدور قانون مكافحة الإرهاب عام
2003
[15]وهو القانون الذي عارضته معظم جماعات حقوق الإنسان الدولية والمحلية،
وتضمن هذا القانون بعض المواد التي تحد من الحرية عبر شبكة الإنترنت،
وتحدثت تقارير أخرى عن استخدام أساليب تقنية مثل تصفية المواقع
الإلكترونية وحجبها مع التأكيد على عدم جدوى هذه الأساليب في تحجيم حرية
الإنترنت
[10].
ولكن حالات حجب المواقع الموثقة بدأت في الظهور اعتبارا من نهاية عام
2005 عندما أصدرت منظمة صحفيون بلا حدود بيانا أدانت فيه قيام السلطات
المغربية بحجب العديد من المواقع التابعة لجبهة البوليساريو التي تسعى
لاستقلال الصحراء المغربية، واعتبر البيان أن إغلاق المواقع دون محاكمة
قضائية عادلة مسألة تدخل ضمن إطار الانتهاك الفاضح لحرية التعبير
[16]،
ورصد البيان حجب خمسة مواقع على الأقل تابعة للبوليساريو من بينها
asro.org و spsrasd.info وهي المواقع التي اعتبرها البيان مواقع معارضة
ولكن لا تدعو للعنف
[8].
أن السلطات استخدمت تقنية حجب عنوان IP وهي التقنية التي تحجب عددا
كبيرا من المواقع الواقعة تحت نفس العنوان الذي ينتمى إليه الموقع المطلوب
حجبه، وبالتالى فإن قرار السلطات المغربية بحجب خمسة مواقع أدى فعليا إلى
منع الوصول إلى 2287 نطاقا مختلفا
[17].
وبعد هذه الخطوة بأيام قامت السلطات المغربية في 20 ديسمبر 2005 بحجب
موقع anonymizer.com وهو موقع أمريكي يسمح لمستخدمى الإنترنت بتجاوز الحظر
المفروض على بعض المواقع
[18]وجاءت هذه الخطوة لمنع المستخدمين داخل المغرب من تجاوز الحظر الأصلي الذي
فرضته السلطات على مواقع البوليساريو، واعتبرت تقارير صحفية أن ما حدث في
هذا السياق هو نوع من الحرب الإعلامية بين الحكومة المغربية وجبهة
البوليساريو
[19].
ورغم التراجعات الأخيرة في حرية الإنترنت، وانتباه الدولة لبعض المواقع
المعارضة عبر شبكة الإنترنت إلا أن الوضع في مجمله أفضل حالا بكثير من
معظم الدول العربية.